Riceviamo e pubblichiamo questo contributo dai compagni della redazione Il Pungolo Rosso, già disponibile sul loro sito (vedi qui):
شجاعة ورؤية ثوري افريقي تجاوز حدود الوحدة الافريقية….
ننشر تجربة موثقة للتحول الاجتماعي والنضال ضد الاستعمار التي حدثت في بوركينا فاسو في السنوات ما بين 1984 – 1987 تحت قيادة توماس سانكارا، مناضلي ثوري أفريقي الذي استطاع تجاوز الوحدة الأفريقية.
(أحالنا عليها الرفيق روبرتو ج. – مؤلف الفيلم الوثائقي سيلفسترو مونتانارو هو من بين الصحفيين الذين تم اقصاؤهم من طرف راديو تلفزيوني إيتاليانا راي).
وفيما يلي فيديو للخطاب الرائع حول إلغاء الديون الخارجية للدول الأفريقية الذي ألقاه سانكارا في أديس أبابا في اجتماع منظمة الوحدة الأفريقية في 29 يوليو 1987، حسب الترجمة المنشورة في العدد 3 من مجلة الكونيو روسو.
كان سانكارا قدوة أيضا للعناصر الاكثر نشاطا في حركة M62 (ائتلاف من الجمعيات والنقابات واللجان الشعبية) التي تحارب
الوجود العسكري الأجنبي في النيجر، (المحرر).
توماس سانكارا: لا نستطيع تسديد الديون، لأنه ليس لدينا ما ندفعه، ولأننا لسنا مسؤولين عنها…
ننشر هنا الخطاب الرائع الذي يدين الديون الخارجية ويعتبرها كأداة للهيمنة الاستعمارية الجديدة من قبل القوى الاستعمارية القديمة، والذي ألقاه توماس سانكارا، رئيس بوركينا فاسو، في 29 يوليو 1987 في أديس أبابا في اجتماع منظمة الوحدة الأفريقية. وبعد ثلاثة أشهر فقط، أي في 15 أكتوبر/تشرين الأول، وجدت نفس القوى القتلة المستعدون لاغتياله بشكل عاجل قبل أن يحظى نداؤه بمتابعة قارية. لكنهم لم يتمكنوا من محو الذاكرة التي لا تزال حية للغاية في جميع النضالات الجارية في أفريقيا ضد المستعمرين القدامى والجدد.
نص الخطاب
السيد الرئيس، السادة رؤساء الوفود، أود أن نتمكن الآن من التحدث عن قضية أخرى تهمنا: وهي مسألة الديون، التي تتعلق بالوضع الاقتصادي في أفريقيا. لأنها، على قدر السِّلم، شرط مهم لبقائنا على قيد الحياة. لهذا السبب اعتقدت أنني يجب أن أفرض عليكم بضع الدقائق الإضافية لنتحدث عن ذلك. وتود بوركينا فاسو أولا أن تعرب عن مخاوفها.
إن خوفنا هو أن اجتماعات منظمة الوحدة الأفريقية يتبع بعضها البعض، وتتشابه مع بعضها البعض ولكن في النهاية يتضاءل الاهتمام بما نقوم به. سيدي الرئيس، كم عدد رؤساء الدول الحاضرين هنا الذين تمت دعوتهم بحق للحضور والتحدث عن أفريقيا في أفريقيا؟ سيدي الرئيس، كم عدد رؤساء الدول المستعدين للسفر إلى باريس، أو لندن، أو واشنطن عندما يتم استدعاؤهم هناك لعقد اجتماع، ولكن يتعذر عليهم القدوم إلى أديس أبابا في أفريقيا؟ هذا مهم جدا. ربما يجب علينا فرض عقوبات على رؤساء الدول الذين لا يستجيبون للنداء. لنجعل نظام نقاط السلوك الجيد، يمكن أن يتم دعم أولئك الذين يأتون بانتظام، مثلنا على سبيل المثال، بعض مساعيهم.
كإسناد مُعامل إفريقي للمشاريع التي نقدمها إلى البنك الأفريقي للتنمية، وتتم معاقبة الذين لا يأتون بشكل منتظم أو الذين يعتبرون أقل افريقية. هكذا سيحضر الجميع للاجتماعات.
وأود أن أقول لكم، سيدي الرئيس، إن قضية الديون هي قضية لا يمكننا تفاديها. أنتم أنفسكم تعرفون شيئًا عن ذلك في بلدكم حيث اضطررتم إلى اتخاذ قرارات شجاعة، وحتى جريئة. قرارات التي لا يبدو أنها على علاقة لا بعمركم وببياض الشيب الذي يصيغ شعركم. إن فخامة الرئيس الحبيب بورقيبة، الذي لم يتمكن من الحضور ولكنه أرسل لنا رسالة مهمة، ضرب مثالا آخر لأفريقيا عندما كان في تونس، لأسباب اقتصادية واجتماعية وسياسية، اضطر هو أيضا إلى اتخاذ قرارات شجاعة. ولكن، سيدي الرئيس، هل نريد الاستمرار في جعل رؤساء الدول يبحثون عن حلول فردية لمشكلة الديون مع خطر خلق صراعات اجتماعية في بلدانهم مما قد يعرض استقرارهم وكذلك بناء الوحدة الأفريقية للخطر؟ إن الأمثلة التي ذكرتها، وهناك أمثلة أخرى، تستحق من قادة منظمة الوحدة الأفريقية أن يقدموا لكل واحد منا ردا مطمئنا بشأن مسألة الديون.
نعتقد أنه ينبغي تحليل الديون أولاً وقبل كل شيء من خلال دراسة جذوره. فجذور الديون تعود إلى جذور الاستعمار. أولئك الذين أقرضونا المال هم أنفسهم الذين استعمرونا. هم أنفسهم الذين كانوا يسيرون دولنا واقتصادانا. إنهم المستعمرون الذين أثقلوا أفريقيا بالديون مع المقرضين الدوليين الذين كانوا إخوانهم وأبناء عمومتهم. لا علاقة لنا نحن بهذه الديون. لذلك لا يمكننا دفع ثمنها. ولا تزال الديون تمثل الاستعمار الجديد، مع تحول المستعمرين إلى مساعدين تقنيين، بل ينبغي أن نقول: «قتلة تقنيون». وهم من اقترح علينا الممولون ” انه مصطلح يتم استخدامه كل يوم وكأن الناس تستطيع خلق التنمية لبلدان أخرى فقط «بالتثاؤب»” [إنه تلاعب بالكلمات: بالفرنسية، تثاؤب/مُمَول bâillement/bailleurs ].
وقد تمت توصيتنا بهؤلاء المقرضين، تم اقتراحهم علينا. لقد قدموا لنا ملفات وحركات مالية جذابة. لقد اِسْتَدَنَّا لمدة خمسين سنة وستين سنة بل أكثر. بمعنى اننا خضعنا شعوبنا للخطر لمدة خمسين سنة ونَيِّف.
إن الدين في شكله الحالي، الذي تسيطر وتهيمن عليه الإمبريالية، هو إعادة غزو منظمة بمهارة لأفريقيا بحيث يخضع نموها وتنميتها لقواعد غريبة تماما عنا. بحيث يصبح كل واحد منا عبدًا ماليًا، أي عبدًا بكل بساطة، لأولئك الذين أتيحت لهم الفرصة، والذكاء، والمكر، للاستثمار في بلداننا والالتزام أن يستردوا التكاليف. يقولون لنا أن نسدد الدين. إنها ليست مشكلة أخلاقية. استرداد الأموال أو عدم استردادها ليست مسألة شرف. سيدي الرئيس، لقد استمعنا لأول مرة وشيدنا برئيسة وزراء النرويج وهي تتحدث هنا. هي الاوربية قالت إنه لا يمكن تسديد الديون بالكامل. لا يمكن تسديد الديون أولا لأنه إذا لم نسددها، فإن المقرضين لن يموتوا، هذا أمر مؤكد. في حين إذا سددناها سنكون نحن من سيهلك، وهذا أمر مؤكد تمامًا. أولئك الذين دفعونا إلى التدين لعبوا كلعب الكازينو.. ولم تكن هناك مشكلة طالما كانوا يربحون؛ الآن بعد أن خسروا في اللعبة، فإنهم يطالبون باسترداد الديون. ويتم الحديث عن الأزمة. لا يا سيادة الرئيس. لقد لعبوا وخسروا، وهذه هي قواعد اللعبة. والحياة تستمر.
لا يمكننا سداد الدين لأنه ليس لدينا ما ندفعه. لا يمكننا سداد الدين لأننا لسنا مسؤولين عن الدين. لا يمكننا سداد الدين، لأن الآخرين، على العكس من ذلك، مدينين لنا بما لا تستطيع أعظم الثروات سداده أبدًا: دين الدم. إنها دماؤنا التي سفكت. هناك حديث عن خطة مارشال التي أعادت تشكيل الاقتصاد الأوروبي. ولكن لم يتم ذكر الخطة الأفريقية قط، والتي سمحت لأوروبا بمواجهة جحافل هتلر عندما تعرض اقتصادها واستقرارها للتهديد. من أنقذ أوروبا؟ أفريقيا هي التي أنقذتها. ويقال القليل جدا عن ذلك. القليل جدًا لدرجة أننا لا نستطيع أن نكون شركاء في هذا الصمت الناكر للجميل. وإذا لم يتمكن الآخرون من مدحنا، فمن واجبنا على الأقل أن نقول إن آباءنا كانوا شجعاناً وأن مقاتلينا أنقذوا أوروبا، وسمحوا للعالم أخيراً بالتخلص من النازية.
الديون هي أيضا نتيجة للاشتباكات. عندما يتحدثون إلينا عن الأزمة الاقتصادية، ينسون أن يقولوا لنا إن الأزمة لم تأت فجأة. لقد كانت الأزمة موجودة دائما وستتفاقم كلما أصبحت الجماهير الشعبية أكثر وعيا بحقوقها في مواجهة المستغل. اليوم هناك أزمة لأن الجماهير ترفض أن تتركز الثروة في أيدي عدد قليل من الأفراد. هناك أزمة لأن قلة من الأفراد يودعون مبالغ هائلة في البنوك الأجنبية تكفي لتنمية أفريقيا بأكملها. هناك أزمة لأنه في مواجهة هذه الثروات الفردية التي لها أسماء وألقاب، ترفض الجماهير الشعبية العيش في الغيتوات والأحياء الفقيرة. هناك أزمة لأن الناس في كل مكان يرفضون التواجد داخل سويتو التي تقع قبالة جوهانسبرغ. إذن هناك صراع، وتفاقم هذا الصراع يقلق أصحاب القوة المالية.
ويُطلب منا اليوم أن نكون شركاء في البحث عن التوازن. التوازن لصالح أصحاب القوة المالية. توازن على حساب جماهيرنا الشعبية. لا! لا يمكننا أن نكون شركاء. لا! ولا يمكننا أن نرافق أولئك الذين يمتصون دماء شعوبنا ويعيشون على عرق شعوبنا في أعمالهم الإجرامية.
“أولئك الذين يريدون استغلال أفريقيا همأ نفسهم الذين يستغلون أوروبا.”
سيدي الرئيس، نسمع عن الأندية – أندية روما، وأندية باريس، والأندية في كل مكان. نسمع عن مجموعة الخمسة، أو مجموعة السبعة، أو مجموعة العشرة، وربما مجموعة المائة أو ما شابه. من الطبيعي إذن أن نقوم أيضًا بإنشاء نادينا ومجموعتنا الخاصة. لتصبح أديس أبابا المقر الرئيسي اعتبارًا من اليوم، المركز الذي ستهب منه الرياح الجديدة لنادي أديس أبابا. وعلينا اليوم واجب تشكيل جبهة أديس أبابا الموحدة ضد الديون. بهذه الطريقة فقط يمكننا أن نقول اليوم إننا، برفضنا الدفع، ليست لدينا نوايا قتالية، بل على العكس من ذلك، نوايا أخوية. ففي نهاية المطاف الجماهير الشعبية في أوروبا ليست ضد الجماهير الشعبية في أفريقيا. لكن أولئك الذين يريدون استغلال أفريقيا هم أنفسهم الذين يستغلون أوروبا. لدينا عدو مشترك. لذا على نادي أديس أبابا أن يخبر الجميع بأن الدين سوف لن يتم تسديده.
عندما نقول بأن الدين سوف لن يتم تسديده، هذا لا يعني أننا ضد الأخلاق والكرامة واحترام الكلمة. نعتقد أننا لا نملك نفس الأخلاق التي يتمتع بها الآخرون. ليس هناك نفس الأخلاق بين الغني والفقير. لا يمكن للكتاب المقدس والقرآن، أن يخدما أولئك الذين يستغلون الناس وأولئك الذين يتم استغلالهم بنفس الطريقة. يجب أن تكون هناك إصداران للكتاب المقدس وإصداران للقرآن. لا يمكننا أن نقبل أن يحدثوننا عن الكرامة. لا يمكننا أن نقبل أن يحدثوننا عن جدارة أولئك الذين يدفعون، وعن فقدان الثقة لأولئك الذين قد لا يدفعون. يجب أن نقول، على العكس من ذلك، أنه من الطبيعي اليوم أن نفضل الاعتراف بأن أعظم اللصوص هم الأغنى. الفقير عندما يسرق لا يرتكب إلا خطيئة صغيرة من أجل البقاء وبدافع الضرورة. أما الأغنياء، من ناحية أخرى، فهم الذين يسرقون من سلطات الضرائب والجمارك. وهم الذين يستغلون الشعب. سيدي الرئيس، هذا ليس استفزازًا أو استعراضًا. أنا أقول فقط ما يعتقده كل واحد منا ويريده. من منا لا يريد إلغاء الديون هنا ببساطة؟ أولئك الذين لا يريدون ذلك يمكنهم المغادرة على الفور، وركوب طائرتهم والذهاب مباشرة إلى البنك الدولي للدفع! وعلاوة على ذلك، لا أود أن يُنظر إلى اقتراح بوركينا فاسو على أنه قدمه “الشباب” دون نضج أو خبرة. كما أنني لا أريد أن يظن الناس أن الثوار فقط هم الذين يتحدثون بهذه الطريقة. أود ببساطة أن يتم الاعتراف بأن هذا أمر موضوعي.
وأستطيع أن أذكر أنّ من بين الذين سوف لن يسددوا الديون هناك الثوار وغير الثوار، صغاراً وكباراً. على سبيل المثال فيدل كاسترو سبق أن قال بأنه سوف لن يدفع. إنه ليس بعمري، حتى لو كان ثوريا. ولكن يمكنني أيضاً أن أقتبس من فرانسوا ميتران الذي قال إن البلدان الأفريقية لا تستطيع أن تدفع، والدول الفقيرة لا تستطيع أن تدفع. اسمحوا لي أن أقتبس كلام السيد رئيس وزراء النرويج. لا أعرف عمرها ويؤسفني أن أسألها عن ذلك. إنه مجرد مثال. وأود أيضا أن أذكر الرئيس فيليكس هوفويت بوانيي. فهو ليس في عمري، إلا أنه أعلن أن بلاده، ساحل العاج، غير قادرة على السداد. لكن ساحل العاج من بين البلدان الأفضل حالاً في أفريقيا، على الأقل في أفريقيا الفرنكوفونية. ولهذا السبب فمن الطبيعي أن تدفع مساهمة أعلى هنا…
سيدي الرئيس، لذا فإن كلامي ليس استفزازًا. أود منك أن تقدم لنا الحلول بحكمة. أود أن مؤتمرنا يُقر بكل وضوح أننا لا نستطيع سداد الديون. ليس بروح حربية. وذلك لتجنب التعرض للاغتيال بشكل فردي. إذا رفضت بوركينا فاسو وحدها تسديد الديون، فسوف لن أكون هنا في المؤتمر القادم! ولكن بدعم الجميع، وهو ما أحتاجه حقًا، بدعم الجميع سنكون قادرين على تجنب الدفع. ومن خلال عدم الدفع سنتمكن من تكريس مواردنا الضئيلة لتنميتنا.
أود أن أنهي كلامي بالقول إن في كل مرة يشتري فيها بلد أفريقي سلاحا، فسيوجه ضد أفريقي. ليس ضد أوروبي، وليس ضد آسيوي. ضد أفريقي. ولذلك يجب علينا، أيضا، في أعقاب القرار المتعلق بمشكلة الديون، أن نجد حلا لمشكلة الأسلحة. أنا عسكري وأحمل السلاح. لكن سيدي الرئيس، أود أن ننزع سلاحنا. أنا أحمل السلاح الوحيد الذي أملكه. وقام آخرون بإخفاء الأسلحة التي يحملونها. عندها، أيها الإخوة الأعزاء، وبدعم الجميع، سنتمكن من تحقيق السلام في وطننا. وسوف نتمكن من تنمية أفريقيا باستخدام إمكانياتها الهائلة، لأن تربتنا وباطن أرضنا غنيان. لدينا ما يكفي من الأيدي العاملة وسوق واسعة، من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب. لدينا ما يكفي من القوة العقلية لخلق، أو على الأقل لنقل التكنولوجيا والعلوم أينما كانت.
سيدي الرئيس، دعونا نجعل أديس أبابا جبهة موحدة ضد الديون. دعونا نقرر من أديس أبابا الحد من سباق التسلح بين الدول الضعيفة والفقيرة. الهراوات والمناجل التي نشتريها عديمة الفائدة. دعونا نجعل السوق الأفريقية سوقا للأفارقة. الانتاج في أفريقيا، والتحويل في أفريقيا، والاستهلاك في أفريقيا. نحن ننتج ما نحتاجه ونستهلك ما ننتجه بدلاً من استيراده. لقد أتت بوركينا فاسو إلى هنا لعرض قطع القطن المصنوعة في بوركينا فاسو، والمنسوجة في بوركينا فاسو، والمخيطة في بوركينا فاسو لملابس البوركينابيين. أنا ووفدي نرتدي ملابس نساجينا وفلاحينا. لا يوجد خيط واحد يأتي من أوروبا أو أمريكا. أنا لا أقوم بعرض أزياء ولكني أود ببساطة أن أقول إنه يجب علينا أن نقبل أن نعيش أفريقيا. إنها الطريقة الوحيدة للعيش احرًارا وبكرامة.
شكرا سيدي الرئيس.
الوطن أو الموت، سننتصر!